تفسير الصافى ج2ص95
وليكم وإمامكم بأمر الله ربكم ثم الإمامة في ذريتي من ولده إلى يوم القيامة يوم يلقون الله ورسوله لا حلال إلا ما أحله الله ولا حرام إلا ما حرمه الله عرّفني الحلال والحرام وأنا أفضيت (1) بما علمني ربي من كتابه وحلاله وحرامه إليه معاشرالناس ما من علم إلا وقد أحصاه الله في وكل علم علمته فقد أحصيته في علي إمام المتقين وما من علم إلا وقد علمته عليا وهو الإمام المبين معاشر الناس لا تضلوا عنه ولا تنفروا منه ولا تستنكفوا من ولايته فهو الذي يهدي إلى الحق ويعمل به ويزهق الباطل وينهى عنه ولا تأخذه في الله لومة لائم ثم إنه أول من آمن بالله ورسوله والذي فدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه والذي كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا أحد يعبد الله مع رسوله من الرجال غيره معاشر الناس فضلوه فقد فضله الله واقبلوه فقد نصبه الله معاشر الناس إنه إمام من الله ولن يتوب الله على أحد أنكر ولايته ولن يغفر الله له حتما على الله أن يفعل ذلك ممن خالف أمره فيه وأن يعذبه عذابا نكرا أبد الآباد ودهر الدهور فاحذروا أن تخالفوه فتصلوا نارا وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين أيها الناس بي والله بُشَّر الأولون من النبيين والمرسلين وأنا خاتم الأنبياء والمرسلين والحجة على جميع المخلوقين من أهل السماوات والأرضين فمن شك في ذلك فهو كافر كفر الجاهلية الاولى ومن شك في شيء من قولي هذا فقد شك في الكل منه والشاك في الكل فله النار معاشر الناس حباني (2)الله بهذه الفضيلة منّا منه علي وإحسانا منه إلي ولا إله إلا هو له الحمد مني أبد الآبدين ودهر الداهرين على كل حال ، معاشر الناس فضلوا عليا فإنه أفضل الناس بعدي من ذكر وأنثى بنا أنزل الله الرزق وبقي الخلق ملعون ملعون مغضوب مغضوب من رد قولي هذا وإن لم يوافقه ألا إن جبرئيل خبرني عن الله تعالى بذلك ويقول من عادى عليا ولم يتوله فعليه لعنتي وغضبي فلتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله أن تخالفوه فتزل قدم
____________
(1) يقال أفضيت بكذا إلى فلان أي أوصلته إليه ومسته به .
(2) يقال حبوت الرجل حباء بالكسر والمد أعطيته الشيء بغير عوض والاسم منه الحبوة بالضم ومنه بيع المحاباة .
بعد ثبوتها إن الله خبير بما تعملون معاشر الناس إنه جنب الله نزل في كتابه يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله معاشر الناس تدبروا القرآن وافهموا آياته وانظروا إلى محكماته ولا تتبعوا متشابهه فو الله لن يبين لكم زواجره ولا يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده ومصعده إلى وشائل (1) بعضده ومعلمكم أن من كنت مولاه فهذا علي مولاه وهو علي بن أبي طالب عليه السلام أخي ووصيي وموالاته من الله عز وجل أنزلها علي معاشر الناس إن عليا والطيبين من ولدي صلوات الله عليهم أجمعين هم الثقل الأصغر والقرآن هو الثقل الأكبر فكل واحد منبئ عن صاحبه وموافق له لن يفترقا حتى يردا على الحوض أمناء الله في خلقه وحكامه في أرضه ألا وقد بلغت ألا وقد أديت ألا وقد أسمعت ألا وقد أوضحت ألا وإن الله عز وجل قال وأنا قلت عن الله عز وجل ألا إنه ليس أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه غير أخي هذا ولا تحل إمرة المؤمنين لاحد غيره ثم ضرب بيده إلى عضده فرفعه وكان منذ أول ما صعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شال عليا حتى صارت رجله مع ركبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال معاشر الناس هذا عليّ أخي ووصيي وواعي علمي وخليفتي على امتي وعلى تفسير كتاب الله والداعي إليه والعامل بما يرضاه والمحارب لاعدائه والموالي على طاعته والناهي عن معصيته خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين والإمام الهادي وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر الله أقول ما يبدل القول لديّ بأمر الله ربي أقول اللهم وال من والاه وعاد من عاداه والعن من أنكره واغضب على من جحد حقه اللهم إنك أنزلت عليّ أن الإمامة لعلي وليك عند تبياني ذلك ونصبي إياه علماً بما أكملت لعبادك من دينهم وأتممت عليهم نعمتك ورضيت لهم الإسلام دينا فقلت ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين اللهم إني اشهدك أني قد بلغت معاشر الناس إنما الله عز وجل أكمل دينكم بإمامته فمن لم يأتم به وبمن يقوم مقامه من ولدي من صلبه إلى يوم
____________
(1) شلت بالجرة أشول بها شولا رفعتها ولا تقل شلت ويقال أيضا اشلت الجرة فانشالت هي .
القيامة والعرض على الله عز وجل فأولئك الذين حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون لا يخفف الله عنهم العذاب ولا هم ينظرون .
معاشر الناس هذا عليّ أنصركم لي وأحقكم بي وأقربكم إليّ وأعزكم عليّ والله عز وجل وأنا عنه راضيان وما نزلت آية رضى إلا فيه وماخاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به ولا نزلت آية مدح في القرآن إلا فيه ولا شهد الله بالجنة في هل أتى على الإنسان إلا له ولا أنزلها في سواه ولا مدح بها غيره .
معاشر الناس هو ناصر دين الله والمجادل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو التقي النقي الهادي المهدي نبيكم خير نبي ووصيكم خير وصي وبنوه خير الأوصياء .
معاشر الناس ذرية كل نبي من صلبه وذريتي من صلب علي صلوات الله عليهم أجمعين معاشر الناس إن إبليس أخرج آدم عليه السلام من الجنة بالحسد فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم وتزل أقدامكم فإن آدم أُهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة وهو صفوة الله عز وجل فكيف بكم وأنتم أنتم ومنكم أعداء الله ألا إنه لا يبغض عليا إلا شقي ولا يتولى عليا إلا تقي ولا يؤمن به إلا مؤمن مخلص وفي علي والله أنزل سورة العصر بسم الله الرحمن الرحيم والعصر إلى آخره .
معاشر الناس قد استشهدت الله وبلغتكم رسالتي وما على الرسول إلا البلاغ المبين معاشر الناس اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون معاشر الناس آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أُنزل معه من قبل أن نطمس وجوها فنرد على أدبارها معاشر الناس النور من الله عز وجل فيّ ثم مسلوك في علي ثم في النسل منه إلى القائم المهدي صلوات الله وسلامه عليه الذي يأخذ بحق الله وبكل حق هو لنا لان الله عز وجل قد جعلنا حجة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين .
معاشر الناس إني أنذركم أني رسول الله إليكم قد خلت من قبلي الرسل أفإن مت أو قتلت إنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا
وسيجزي الله الشاكرين ألا وإن عليا عليه السلام الموصوف بالصبر والشكر ثم من بعده ولدي من صلبه معاشر الناس لا تمنوا على الله تعالى إسلامكم فيسخط عليكم ويصيبكم بعذاب من عنده إنه لبالمرصاد معاشر الناس سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون معاشر الناس إن الله وأنا بريئان منهم .
معاشر الناس إنهم وأشياعهم وأتباعهم وأنصارهم في الدرك الأسفل من النار لبئس مثوى المتكبرين ألا إنهم (1) أصحاب الصحيفة فلينظر أحدكم في صحيفته قال فذهب على الناس إلا شرذمة منهم أمر الصحيفة معاشر الناس إني أدعها أمانة ووراثة في عقبي إلى يوم القيامة وقد بلغت ما أُمرتُ بتبليغه حجة على كل حاضر وغائب وعلى كل أحد ممن شهد أو لم يشهد ولد أو لم يولد فليبلغ الحاضر الغآئب والوالد الولد إلى يوم القيامة وسيجعلونها ملكا اغتصابا ألا لعن الله الغاصبين والمغتصبين وعندها سنفرغ لكم أيها الثقلان فيرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران معاشر الناس إن الله عز وجل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب معاشر الناس إنه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة كما ذكر الله تعالى وهو إمامكم ووليكم وهو مواعيد الله والله يصدق ما وعده معاشر
____________
(1) قوله صلى الله عليه وآله الا انهم اصحاب الصحيفة أي أئمة النار الغاصبين لحق علي عليه السلام فلينظر أحدكم . . . أي فلينظر بعض منكم في صحيفتة التي صنعها وحفظها عنده فيعرف نفسه انه من أئمة النار واصحابها ويعرف شركاءه في هذا الأمر انهم بأسرهم من رؤساء اهل النار وقضية الصحيفة معروفة مشهورة لا يناسب المقام التعرض لتفصيلها لطولها وماجمالها ان سبعين رجلا من رؤوس المعاندين واصول الكفر والنفاق منهم الأول والثاني لما عرفوا هذا الأمر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورغبته في علي عليه السلام قالوا في أنفسهم وبعضهم انا انما آمنا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ظاهرا لجلب الرياسة ونظم أمر دنيانا والآن قد ترد الأمر على ابن عمه وقطع رجاءنا فما الحيلة ولا يسعنا طاعة علي عليه السلام فتوطئوا أو تحالفوا على دفع هذا الأمر وعلاجه ولو تقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا دفعوا السم اليهما فدستا في اللبن واستقاه واجتمعوا في السقيفة وأوحى إليهم الشيطان وافسدوا ما افسدوا قال يعني الإمام محمد بن علي الباقر فذهب على الناس الا شرذمة منهم آه يعني ضاع واختفى عليهم أمر الصحيفة فلم يدروا ما في الصحيفة ولم يعرفوا اربابها فاغتروا بهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم واما الشرذمة فهؤلاء المتحالفون وبعض خواص النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين اعلمهم النبي بفعل هؤلاء وما عقدوا عليه وما يريدون وسيركبونه في تخريب الدين وافساد أمور المسلمين .
الناس قد ضل قبلكم أكثر الأولين والله لقد أهلك الأولين وهو مهلك الآخرين .
معاشر الناس إن الله قد أمرني ونهاني وقد أمرت عليا ونهيته فعلم الأمر والنهي من ربه عز وجل فاسمعوا لامره تسلموا وأطيعوه تهتدوا وانتهوا لنهيه ترشدوا وصيروا إلى مراده ولا تتفرق بكم السبل عن سبيله أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم باتباعه ثم علي من بعدي ثمّ وُلدِي من صلبه أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون ثم قرأ الحمد لله رب العالمين إلى آخرها وقال فيّ نزلت وفيهم نزلت ولهم عمت وإياهم خصت أولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ألا إن حزب الله هم الغالبون ألا إن أعداء علي هم أهل الشقاق وهم العادون واخوان الشياطين الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ألا إن أوليآهم المؤمنون حقا الذين ذكرهم الله في كتابه فقال تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله إلى آخر الآية ألا إن أوليآءهم الذين وصفهم الله عز وجل فقال الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ألا إن أوليآءهم الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير معاشر الناس شتان ما بين السعير والجنة عدونا من ذمه الله ولعنه وولينا من أحبه الله ومدحه معاشر الناس ألا وإني منذر علي هاد معاشر الناس إني نبي وعلي وصيي ألا وإن خاتم الأئمة منا القائم المهدي صلوات الله وسلامه عليه ألا إنه الظاهر على الدين ألا إنه المنتقم من الظالمين ألا إنه فاتح الحصون وهادمها ألا إنه قاتل كل قبيلة من أهل الشرك ألا إنه مدرك كل ثار لاولياء الله عز وجل ألا إنه ناصر دين الله عز وجل ألا إنه
الغراف (1) من بحر عميق ألا إنه يسم (2) كل ذي فضل بفضله وكل ذي جهل بجهله ألا إنه خيرة الله ومختاره ألا إنه وارث كل علم والمحيط به ألا إنه المخبر عن ربه عز وجل المنبه بأمر إيمانه ألا إنه الرشيد السديد ألا إنه المفوض إليه ألا إنه قد بشر به من سلف بين يديه ألا إنه الباقي حجة ولا حجة بعده ولا حق إلا معه ولا نور إلا عنده ألا إنه لا غالب له ولا منصور عليه ألا إنه ولي الله في أرضه وحكمه في خلقه وأمينه في سره وعلانيته معاشر الناس قد بينت لكم وأفهمتكم وهذا علي يفهمكم ؟ بعدي ألا وإن عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته والإقرار به ثم مصافقته من بعدي ألا وإني قد بايعت الله وعلي قد بايعني وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عز وجل ومن نكث فإنما ينكث على نفسه الآية معاشر الناس إن الحج والصفا والمروة والعمرة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر الآية .
معاشر الناس حجوا البيت فما ورده أهل بيت إلا استغنوا ولا تخلفوا عنه إلا افتقروا معاشر الناس ما وقف بالموقف مؤمن إلا غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك فإذا انقضت حجته استأنف عمله معاشر الناس الحجاج معانون ونفقاتهم مخلّفة والله لا يضيع أجر المحسنين .
معاشر الناس حجوا البيت بكمال الدين والتفقه ولا تنصرفوا عن المشاهد إلا بتوبة واقلاع معاشر الناس أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة كما أمركم الله تعالى لئن طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليكم ومبين لكم الذي نصبه الله عز وجل بعدي ومن خلقه الله مني وأنا منه يخبركم بما تسألون عنه ويبين لكم ما لا تعلمون ألا إن الحلال والحرام أكثر من أن احصيهما واعرفهما فآمُر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام (3) واحد فأمرت أن آخذ البيعة عليكم والصفقة لكم بقبول ما
____________
(1) الغراف كشداد نهر بين واسط والبصرة عليه كورة كبيرة وفرس البراء بن قيس ومن الأنهر الكثير الماء قاله الفيروز أبادي والمراد به هنا المعنى الأخير أي هو النهر العظيم المنشق من عميق بحر الولاية .
(2) قوله تعالى سَنَسمُهُ على الخرطوم أي سنجعل له سمة أهل النار وهي أن سودّ وجهه وقوله انه يسم . . . يمكن ان يكون من هذا القبيل بأن يجعل سمة الفضل والجهل على اربابهما ووسمه وسما وسمة إذا اثر فيه بسمة وكي ووسمت في الشيء وسما من باب وعد علمية ومن هذين أيضا يناسب اخذه .
(3) قوله في مقام واحد أي في مرتبة واحدة .
جئت به عن الله تعالى في علي أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين الذين هم مني ومنه أمة قائمة منهم المهدي صلوات الله عليه إلى يوم القيامة الذي يقضي بالحق معاشر الناس وكل حلال دللتكم عليه وكل حرام نهيتكم عنه فإني لم أرجع عن ذلك ولم أبدل ألا فاذكروا ذلك (1) واحفظوه وتواصوا به ولا تبدلوه ولا تغيروه ألا وإني أجدد القول ألا فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ألا وإن رأس الأمر بالمعروف أن تنتهوا إلى قولي وتبلغوه من لم يحضره وتأمروه بقبوله وتنهوه عن مخالفته فإنه أمر من الله عز وجل ومني ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلا مع إمام معصوم
معاشر الناس القرآن يعرفكم أن الأئمة ( عليهم السلام ) من بعده من ولده وعرفتكم أنهم مني ومنه حيث يقول الله وجعلها كلمة باقية في عقبه وقلت لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما معاشر الناس التقوى التقوى احذروا الساعة كما قال الله تعالى إن زلزلة الساعة شيء عظيم أذكروا الممات والحساب والموازين والمحاسبة بين يَدَي رب العالمين والثواب والعقاب فمن جاء بالحسنة اثيب ومن جاء بالسيئة فليس له في الجنان نصيب .
معاشر الناس إنكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحدة وأمرني الله أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعلي عليه السلام من إمرة المؤمنين ومن جاء بعده من الأئمة مني ومنه على ما أعلمتكم أن ذريتي من صلبه فقولوا بأجمعكم إنا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت عن ربنا وربك في أمر علي وأمر ولده من صلبه من الأئمة نبايعك على ذلك بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا على ذلك نحيى ونموت ونبعث ولا نغير ولا نبدل ولا نشك ولا نرتاب ولا نرجع عن عهد ولا ننقض الميثاق ونطيع الله ونطيعك وعليا أمير المؤمنين وولده الأئمة ( عليهم السلام ) الذين ذكرتهم من ذريتك من صلبه بعد الحسن والحسين عليهما السلام الذين قد عرفتكم مكانهما مني ومحلهما عندي ومنزلتهما من ربي فقد أديت ذلك
____________
(1) أي يوصي بعضكم إلى بعض .
إليكم وإنهما سيدا شباب أهل الجنة وأنهما الإمامان بعد أبيهما علي وأنا أبوهما قبله وقولوا أطعنا الله بذلك وإياك وعليا والحسن والحسين والأئمة صلوات الله عليهم الذين ذكرت عهدا وميثاقا مأخوذا لامير المؤمنين عليه السلام من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافقة أيدينا من أدركهما بيده وأقر بيده وأقربهما بلسانه لا نبتغي بذلك بدلا ولا نرى من أنفسنا عنه حولا أبدا أشهدنا الله وكفى بالله شهيدا وأنت به علينا شهيد وكل من أطاع ممن ظهر واستتر وملائكة الله وجنوده وعبيده والله أكبر من كل شهيد .
معاشر الناس ما تقولون فإن الله يعلم كل صوت وخافية كل نفس فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ومن بايع فإنما يبايع الله يد الله فوق أيديهم معاشر الناس فاتقوا الله وبايعوا عليا صلوات الله عليه أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة ( عليهم السلام ) كلمة باقية يهلك الله من غدر ويرحم الله من وفى ومن نكث فإنما ينكث على نفسه الآية .
معاشر الناس قولوا الذي قلت لكم وسلموا على علي عليه الصلاة والسلام بأمرة المؤمنين وقولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير وقولو الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله معاشر الناس إن فضائل علي بن أبي طالب عند الله عز وجل وقد أنزلها علي في القرآن أكثر من أن احصيها في مكان واحد فمن أنباكم بها وعرفها فصدقوه معاشر الناس من يطع الله ورسوله وعليا والأئمة الذين ذكرتم فقد فاز فوزا عظيما معاشر الناس السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بإمرة أمير المؤمنين أولئك هم الفائزون في جنات النعيم معاشر الناس قولوا ما يرضى الله به عنكم من القول فإن تكفروا أنتم ومن في الارض جميعا فلن يضر الله شيئا اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات واغضب على الكافرين والحمد لله رب العالمين .
فناداه القوم نعم سمعنا وأطعنا على أمر الله وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا ،
وتداكوا (1) على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى علي وصافقوا (2) بأيديهم فكان أول من صافق رسول الله الأول والثاني والثالث والرابع والخامس وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس عن آخرهم على طبقاتهم وقدر منازلهم إلى أن صليت العشاء والعتمة في وقت واحد وواصلوا البيعة والمصافقة ثلاثا ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول كلما بايع قوم الحمد لله الذي فضلنا على جميع العالمين وصارت المصافقة سنة ورسما يستعملها من ليس له حق فيها .
والقمي قال : نزلت هذه الآية في منصرف رسول الله من حجة الوداع وحج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة وكان من قوله في خطبته بمنى أن أحمد لله وأثنى عليه ثم قال :
أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه عني فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ثم قال هل تعلمون أي يوم أعظم حرمة .
قال الناس هذا اليوم .
قال فأي شهر .
قال الناس هذا الشهر .
قال : وأي بلد أعظم حرمة ؟
قالوا بلدنا هذا .
قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ألا هل بلغت أيها الناس قالوا نعم .
قال اللهم اشهد ثم قال ألا كل مأثرة (3) أو بدع كانت في الجاهلية أو دم أو مال فهو
____________
(1) تداك عليه الناي أي اجتمعوا .
(2) يقال صفقت له بالبيعة صفقا أي ضربت بيدي على يده وكانت العرب إذا وجب البيع ضربت أحدهما يده على يد صاحبه ثم انتقلت الصفقة في العقد فقيل بارك الله لك في صفقة يدك .
(3) المأثرة بضم الثاء المكرمة لانها تؤثر وتتحدث بها .
تحت (1) قدمي هاتين ليس أحد أكرم من أحد إلا بالتقوى ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم .
قال : اللهم اشهد ثم قال : ألا وكل ربا (2) كان في الجاهلية فهو موضوع وأول موضوع منه رباء العباس بن عبد المطلب ألا وكل دم كان في الجاهلية فهو موضوع وأول موضوع منه دم ربيعة الأهل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد ثم قال ألا وإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه ولكنه راض بما تحتقرون من أعمالكم ألا وإنه إذا اطيع فقد عبد ألا أيها الناس إن المسلم أخ المسلم حقا ولا يحل لامريء مسلم دم امرء مسلم وماله إلا ما أعطاه بطيبة نفس منه وإني امرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ألا فهل بلغت أيها الناس قالوا نعم قال اللهم اشهد ثم قال أيها الناس احفظوا قولي تنتفعوا به بعدي وافقهوه تنتعشوا (3) ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا فإن أنتم فعلتم ذلك ولتفعلن لتجدوني في كتيبة (4) بين جبرئيل وميكائيل أضرب وجوهكم بالسيف .
ثم التفت عن يمينه وسكت ساعة ثم قال إن شاء الله أو علي بن أبي طالب ثم قال ألا وإني قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي صلوات الله عليهم فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا ومن خالفهما فقد هلك ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد ثم قال ألا وإنه سيرد عليّ الحوض منكم رجال فيعرفون فيدفعون عني فأقول رب
____________
(1) قوله تحت قدمي أي مضمحل ومشف وموهون كالشيء الذي يقع تحت القدمين فانه ليس شيء أهون منه ونسبه الى نفسه لأنه الّذى أزال حرمته .
(2) لما تعارف بينهم في الجاهلية أكل الربا وممن كان يكثر هده المعاملة العباس عمه أو كان ذمة كثير منهم مشغولة بالمنافع الربوبية للعباس بمقتضي المعاملات الصادرة منه معهم في الجاهلية وقد حرمها الله فحينئذ إذا سروا العباس ومن عليه النبي بالفداء شرط عليه بخصوصه وان كان من لوازم الإسلام أيضا ان لا يطالب بها ويقنع بالاصل ويترك الفرع فأشار صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته الى هذا الأمر وإلى أنه لا خصوصية في هذا للعباس بل هو حكم عام للمسلمين .
(3) وفي الدعاء أسألك نعمة تنعشني بها وعيالي أي ترفعني بها عن مواطن الذل من قولهم نعشه الله ينعشه نعشا رفعه .
( 4 ) الكتيبة على فعيلة الطائغة من الجيش والجمع الكتائب .
أصحابي فيقال يا محمد إنهم قد أحدثوا بعدك وغيروا سنتك فأقول سحقا (1) سحقا فلما كان آخر يوم من أيام التشريق أنزل الله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح فقال رسول الله صلى الله عليه وآله نعيت (2) إلى نفسي ثم نادى الصلاة جامعة في مسجد الخيف فاجتمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال نضر الله (3) امرء سمع مقالتي فوعاها وبلغها لمن لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغل عليهن قلب امريء مسلم اخلاص العمل لله والنصيحة (4) لأئمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعوته (5) محيطة من ورائهم المؤمنون إخوة تكافي دماءهم يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين .
قالوا : يارسول الله وما الثقلان ؟
فقال كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض كاصبعي هاتين وجمع بين سبابتيه ولا أقول كهاتين وجمع بين سبابتيه والوسطى فتفضل هذه على هذه فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا يريد محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعل الإمامة في أهل بيته فخرج منهم أربعة نفر إلى مكة ودخلوا الكعبة وتعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا فيما بينهم كتابا إن أمات الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أو قتله أن لا يرد هذا الأمر في أهل بيته أبدا فأنزل الله على نبيه في ذلك أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجويهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة يريد المدينة حتى نزل منزلا يقال له
____________
(1) قوله تعالى فسحقاً لاصحاب السعير أي بعدا يقال سحق المكان فهو سحيق مثل بعد فهو بعيد لفظا ومعنى .
(2) يقال نعيت الميت . من باب نفع إذا اخبر بموته وهو منعي ونعى إليه نفسه أخبر بموته .
(3) نضر وجه من باب قتل أي حسن ونضر الله وجهه يتعدى ولا يتعدى ويقال نضر الله وجهه بالتشديد وانضر الله وجهه بمعناه وفي الخبر نضر الله امرء سمع مقالتي . . . أي حسنه بالسرور والبهجة لما رزق بعلمه ومعرفته من القدر والمنزلة بين الناس ونعمة في الأخرى حتى يرى عليه ونق الرخاء ورفيق النعمة أي ثلث خصال لا يضيق منها أو معها .
(4) أي ترك الغش وركوب الصفا والصدق واخلاص لطاعة . (5) أي دعوة الله وهي الموت محيطة من ورائهم أي محيطة بالناس بعد انقضاء اجالهم أي من كان عاقبة أمره الموت ينبغي أن لا يترك هذه الخصال الثلاث .
غدير خم وقد علم الناس مناسكهم وأوعز (1) إليهم وصيته إذ أنزل الله عليه هذه الآية يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك الآية فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال تهديد ووعيد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أيها الناس هل تعلمون من وليكم ؟ قالوا : نعم الله ورسوله .
قال ألستم تعلمون أني أولى بكم منكم بأنفسكم ؟ قالوا : بلى قال : اللهم اشهد فأعاد ذلك عليهم ثلاثا كل ذلك يقول مثل قوله الأول ويقول الناس كذلك ويقول اللهم اشهد ثم أخذ بيد أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه فرفعه حتى بدا للناس بياض ابطيه ثم قال ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأحب من أحبه ثم قال : اللهم اشهد عليهم وأنا من الشاهدين فاستفهمه عمر بين أصحابه فقال : يارسول الله هذا من الله أو من رسوله ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نعم هذا من الله ومن رسوله إنه أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار فقال أصحابه الذين ارتدوا بعده قال محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مسجد الخيف ما قال وقال هيهنا ما قال وإن رجع إلى المدينة يأخذنا بالبيعة له فاجتمع أربعة عشر نفرا وتوامروا على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقعدوا له في العقبة وهي عقبة هرشى (2) بين جحفة والأيواء فقعدوا سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها لينفروا ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما جن عليه الليل تقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة العسكر فأقبل ينعس على ناقته فلما دنا من العقبة ناداه جبرئيل يا محمد إن فلانا وفلانا قعدوا لك فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال من هذا خلفي فقال حذيفة بن اليمان أنا حذيفة بن اليمان يا رسول الله قال سمعت ما سمعت قال بلى قال فاكتم ثم دنا رسول الله صلى الله عليه
____________
(1) اوعزت إليه بكذا تقدمت وكذلك وعزت إليه توعيزا قال في ص وقد يخفف .
(2) هرشى كسكرى ثنية قرب الجحفة .
وآله وسلم ) منهم فناداهم بأسمائهم فلما سمعوا نداء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مروا ودخلوا في غمار الناس وقد كانوا عقلوا رواحلهم فتركوها ولحق الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطلبوهم وانتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى رواحلهم فعرفها فلما نزل قال ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة إن أمات الله محمدا أو قتله أن لا يردوا هذا الأمر في أهل بيته أبدا فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحلفوا أنهم لم يقولوا من ذلك شيئا ولم يريدوه ولم يهموا بشيء في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله يحلفون بالله ما قالوا أن لا يردوا هذا الأمر في أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا من قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا نعذبهم الله عذاباً أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وبقى بها المحرم والنصف من صفر لا يشتكي شيئا ثم ابتدأ به الوجع الذي توفىّ فيه .
وفي المجمع روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما نزلت هذه الآية قال لحراس من أصحابه يحرسونه الحقوا بملاحقكم فإن الله عصمني من الناس .
(68) قل يا أهل الكتاب لستم على شيء على دين يعتد به حتى يسمى شيئا لفساده وبطلانه حتى تقيموا التوراة والإنجيل بالتصديق بما فيها من البشارة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم والإذعان بحكمه وما أنزل إليكم من ربكم .
العياشي عن الباقر عليه السلام هو ولاية أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين فلا تتأسف عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم فإن ضرر ذلك يرجع إليهم لا يتخطاهم وفي المؤمنين مندوحة لك عنهم .
(69) إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن يعني منهم
بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قد سبق تفسيرها في سورة البقرة .
(70) لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل بالتوحيد والنبوة والولاية وأرسلنا إليهم رسلا ليذكروهم وليبينوا لهم أمر دينهم ويقفوهم على الأوامر والنواهي كلما جائهم رسول بما لا تهوى أنفسهم من التكاليف فريقا كذبوا وفريقا يقتلون قيل حكى الحال الماضية استحضاراً لها واستفظاعاً (1) للقتل وتنبيها على أن ذلك ديدنهم ماضيا ومستقبلا ومحافظة على رؤس الاي .
(71) وحسبوا ألا تكون فتنة أن لا يصيبهم من الله بلاء وعذاب بقتل الأنبياء وتكذيبهم وقرء لا تكون بالرفع أي أنه لا يكون فعموا عن الدين وصموا عن استماع الحق ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كرة أخرى كثير منهم بدل من الضمير والله بصير بما يعملون في الكافي عن الصادق عليه السلام وحسبوا أن لا تكون فتنة قال حيث كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهرهم فعموا وصموا حيث قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم تاب الله عليهم حيث قام أمير المؤمنين عليه السلام ثم عموا وصموا إلى الساعة (2) .
(72) لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بنى إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم أي إني عبد مربوب لا فرق بيني وبينكم احتج الله تعالى عليهم بقوله إنه من يشرك بالله في عبادته أو فيما يختص به من صفاته وأفعاله فقد حرم الله عليه الجنةلانها دار الموحدين ومأواه النار لانها معدة للمشركين وما للظالمين
____________
(1) فظع الأمر ككرم فظاعة فهو فظيع اي شديد شنيع جاوز المقدار في ذلك كافظع وافظعه واستفظعه وجده فظيعاً .
(2) لعل المراد بالساعة في هذه الرواية ساعة غلبة الحق بظهور القائم عليه السلام جمعا بينها وبين سائر الروايات فان غلبة الحق على الكفر في ثلاث دورات الأولى في زمان الرسول صلى الله عليه وآله بحيث انقطع العذر عن كل احد والثانية في زمان أمير المؤمنين عليه السلام والثالثة في زمان القائم عليه السلام فحسب اهل الكتاب في الأولين انهم لم يغتتنوا بما وعدوا في كتبهم فلم يؤمنوا حتى غلب الحق وانقطع عذرهم اختفى ظهور الحق فعموا وصموا لكن في الثالثة يؤمنون به كما فسر سابقا قوله تعالى وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق